طلب العلم الشرعي

لسلام عليكم و رحمة الله وبركاته
--------------------------

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له،أما بعد:


إن موضوع هذه المشاركة هو موضوع عظيم ، موضوعنا عن الهدى عن النور عن الضياء عن حياة الروح ، إنه العلم الشرعي ، قال تعالى : ( أوَ من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها )، " أو من كان ميتا " في ظلمات الكفر والجهل والمعاصي،" فأحييناه " بنور العلم والإيمان و الطاعة هل يستوي بهذا الذي هو " في الظلمات " ،ظلمات الجهل والغي و الكفر والمعاصي ؟ لا والله لا يستويان مثلا .

قال العلامة ابن القيم – رحمه الله تعالى – في كتابه البديع " اجتماع الجيوش الإسلامية.. " على هذه الآية :


[ فأحياه سبحانه وتعالى بروحه الذي هو : وحيه ، وهو روح الإيمان والعلم ، وجعل له نورا يمشي به بين أهل الظلمة كما يمشي الرجل بالسراج المضيء في الليلة الظلماء ، فهو يرى أهل الظلمة في ظلماتهم وهم لا يرونه ، كالبصير الذي يمشي بين العميان].انتهى.



العلم الشرعي - عباد الله – أمره عظيم لذلك كان أول مبتدأ رسالة النبي عليه الصلاة و السلام أن الله تبارك وتعالى قال له: {اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم }.

وعلم الله تبارك وتعالى قبل ذلك آدم عليه السلام{ وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين

العلم الشرعي - عباد الله - هو مفتاح معرفة العبادة ، ومفتاح قبولها ، وطريق صحتها ، و سبيل أدائها على الوجه الذي يرضي الله تعالى ، "فكم من مريد للخير لا يدركه" كما يقول ابن مسعود - رضي الله عنه - ، فالعمل لا يُقبل إلا إذا توفر فيه شرطان : الأول : أن يكون خالصاً لله عز وجل؛ والثاني: - وهو الذي يفتقر إليه كثير من الناس- ألا وهو أن يكون العمل على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أي : يكون على الطريقة التي علّمَناها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأنى لك أن يكون على الطريقة التي علمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بالعلم الشرعي ،بالتعلم ، بالجلوس في حلقات العلم الشرعية لفقه الكتاب و السنة ، لذلك قال الله تعالى حاثاً على طلب العلم الشرعي:{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } ،

وقوله تعالى " يحذرون " حذف المعمول ، " فيحذرون" عامل ، ومعموله محذوف! قال العلامة السعدي –رحمه الله تعالى- في كتابه العظيم " القواعد الحسان"( في القاعدة الرابعة عشرة) : [حذف المتعلق المعمول فيه يفيد تعميم المعنى المناسب له] ،

فقوله :" يحذرون " لم يذكر معمولا ، فأفاد العموم : يحذرون النار ، يحذرون غضب الجبار ، يحذرون البدع ، يحذرون الشرك ، يحذرون المعاصي ، يحذرون الشبهات ، يحذرون الشهوات المحرمة، فحذْف المعمول أفادنا كل هذه المعاني العظيمة، فهذه قاعدة مفيدة على طالب العلم أن يحفظها، ويطبقها ، ومن أمثلة هذه القاعدة الكثيرة : في عدة آيات قال سبحانه:{ لعلكم تعقلون } ، { لعلكم تذكرون} ، { لعلكم تتقون} وغيرها من الآيات. والله الموفق.

وقال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - حاثاً له على الاستزادة من العلم : {وقل رب زدني علما } ، وقال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيح: (من يرد الله به خيراًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًً ًًًًًًًًًًً يفقه في الدين) ، قال شيخ الإسلام العلم الهمام ابن تيمية الإمام: " ولازم ذلك أن الذي لا يريد الله به خيرا لا يفقهه في الدين".

العلم يبني بيوتا لا عماد لها


والجهل يهدم بيت العِز والكرم

ولذلك قال تعالى : ((قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )) ، لا والله لا يستويان مثلا ، وقال تعالى : ((يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) ، رفع الله عز وجل في هذه الآية أهل العلم رفعين : رفعا عاما مع المؤمنين لأنهم رأس المؤمنين ،ورفعهم رفعاً خاصا بهم أفردهم به سبحانه وتعالى لكمال علمهم به سبحانه وخشيتهم له سبحانه .

 [وقال ابن عباس في قول الله تعالى : { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } ، قال : يرفع الله الذين أوتوا العلم من المؤمنين على الذين لم يؤتوا العلم درجات ] .انتهى.

ولذلك حينما ذُكر عند النبيِ - صلى الله عليه وسلم - عالمٌ وعابد ، قال عليه الصلاة والسلام :[فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم ] ،

ويكفي أهلَ العلم شرفاً أن الله تبارك وتعالى أشهدهم على انفرادِهِ بألوهيتِهِ وتوحيدِهِ سبحانه فقال في كتابه الكريم : ((شهد الله أنه لا إله هو والملائكة وأولوا العلم ِقائماً بالقسط ِ لا إله إلا هو العزيز الحكيم )).

أيها الإخوة : قال تعالى : (( إنما يخشى الله من عباده العلماء))، نعم إن أهل العلم هم أشد الناس خشية لله تعالى ، فأنت للشيء أخوف كلما كنت له أعرف ،

قال العلامة ابن القيم في " مدارج السالكين " : [و الخشية أخص من الخوف ، فإن الخشية للعلماء بالله ، قال الله تعالى : {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ، فهي خوف مقرون بمعرفة]. انتهى .

ولذا كان الطريق الموصل إلى الله عز و جل هو العلم الشرعي .

إن الجنة - عباد الله - لها ثمانية أبواب ،كل باب خصص لفئة من الناس لا يدخل منه غيرهم :هذا باب الريان للصائمين ،وهذا باب للمتصدقين ، وهذا باب الصلاة ، وهكذا ،إلا العلم الشرعي فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فيه :[ من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة] ، فنكر هذا الطريق وأبهمه قال "طريقا" إلى الجنة ، "طريقا" هذا عام، لأنه نكرة في سياق الشرط: (( من سلك )) فهو عام ، فهو موصل إلى الجنة من كل أبوابها .

فاحرصوا يرحمكم الله على تعلم العلم الشرعي ، والتفقه في الدين ، اللهم فقهنا في ديننا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا ،اللهم إنا نسألك علماً نافعا ورزقاً طيبا وعملاً متقبلا ، ونعوذ بك اللهم من علم لا ينفع وقلبٍ لا يخشع ودعوة لا تسمع .

وصل اللهم وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

1 التعليقات:

غير معرف يقول...

جزاك الله خيرا ووفقك في الدنيا والاخرة

إرسال تعليق


المصدر: http://raykcool.blogspot.com/2010/04/alert-script.html#ixzz1hDmlGpQd