طلب العلم الشرعي

لسلام عليكم و رحمة الله وبركاته
--------------------------

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له،أما بعد:


إن موضوع هذه المشاركة هو موضوع عظيم ، موضوعنا عن الهدى عن النور عن الضياء عن حياة الروح ، إنه العلم الشرعي ، قال تعالى : ( أوَ من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها )، " أو من كان ميتا " في ظلمات الكفر والجهل والمعاصي،" فأحييناه " بنور العلم والإيمان و الطاعة هل يستوي بهذا الذي هو " في الظلمات " ،ظلمات الجهل والغي و الكفر والمعاصي ؟ لا والله لا يستويان مثلا .

قال العلامة ابن القيم – رحمه الله تعالى – في كتابه البديع " اجتماع الجيوش الإسلامية.. " على هذه الآية :


[ فأحياه سبحانه وتعالى بروحه الذي هو : وحيه ، وهو روح الإيمان والعلم ، وجعل له نورا يمشي به بين أهل الظلمة كما يمشي الرجل بالسراج المضيء في الليلة الظلماء ، فهو يرى أهل الظلمة في ظلماتهم وهم لا يرونه ، كالبصير الذي يمشي بين العميان].انتهى.



العلم الشرعي - عباد الله – أمره عظيم لذلك كان أول مبتدأ رسالة النبي عليه الصلاة و السلام أن الله تبارك وتعالى قال له: {اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم }.

وعلم الله تبارك وتعالى قبل ذلك آدم عليه السلام{ وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين

العلم الشرعي - عباد الله - هو مفتاح معرفة العبادة ، ومفتاح قبولها ، وطريق صحتها ، و سبيل أدائها على الوجه الذي يرضي الله تعالى ، "فكم من مريد للخير لا يدركه" كما يقول ابن مسعود - رضي الله عنه - ، فالعمل لا يُقبل إلا إذا توفر فيه شرطان : الأول : أن يكون خالصاً لله عز وجل؛ والثاني: - وهو الذي يفتقر إليه كثير من الناس- ألا وهو أن يكون العمل على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أي : يكون على الطريقة التي علّمَناها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأنى لك أن يكون على الطريقة التي علمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بالعلم الشرعي ،بالتعلم ، بالجلوس في حلقات العلم الشرعية لفقه الكتاب و السنة ، لذلك قال الله تعالى حاثاً على طلب العلم الشرعي:{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } ،

وقوله تعالى " يحذرون " حذف المعمول ، " فيحذرون" عامل ، ومعموله محذوف! قال العلامة السعدي –رحمه الله تعالى- في كتابه العظيم " القواعد الحسان"( في القاعدة الرابعة عشرة) : [حذف المتعلق المعمول فيه يفيد تعميم المعنى المناسب له] ،

فقوله :" يحذرون " لم يذكر معمولا ، فأفاد العموم : يحذرون النار ، يحذرون غضب الجبار ، يحذرون البدع ، يحذرون الشرك ، يحذرون المعاصي ، يحذرون الشبهات ، يحذرون الشهوات المحرمة، فحذْف المعمول أفادنا كل هذه المعاني العظيمة، فهذه قاعدة مفيدة على طالب العلم أن يحفظها، ويطبقها ، ومن أمثلة هذه القاعدة الكثيرة : في عدة آيات قال سبحانه:{ لعلكم تعقلون } ، { لعلكم تذكرون} ، { لعلكم تتقون} وغيرها من الآيات. والله الموفق.

وقال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - حاثاً له على الاستزادة من العلم : {وقل رب زدني علما } ، وقال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيح: (من يرد الله به خيراًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًً ًًًًًًًًًًً يفقه في الدين) ، قال شيخ الإسلام العلم الهمام ابن تيمية الإمام: " ولازم ذلك أن الذي لا يريد الله به خيرا لا يفقهه في الدين".

العلم يبني بيوتا لا عماد لها


والجهل يهدم بيت العِز والكرم

ولذلك قال تعالى : ((قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )) ، لا والله لا يستويان مثلا ، وقال تعالى : ((يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) ، رفع الله عز وجل في هذه الآية أهل العلم رفعين : رفعا عاما مع المؤمنين لأنهم رأس المؤمنين ،ورفعهم رفعاً خاصا بهم أفردهم به سبحانه وتعالى لكمال علمهم به سبحانه وخشيتهم له سبحانه .

 [وقال ابن عباس في قول الله تعالى : { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } ، قال : يرفع الله الذين أوتوا العلم من المؤمنين على الذين لم يؤتوا العلم درجات ] .انتهى.

ولذلك حينما ذُكر عند النبيِ - صلى الله عليه وسلم - عالمٌ وعابد ، قال عليه الصلاة والسلام :[فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم ] ،

ويكفي أهلَ العلم شرفاً أن الله تبارك وتعالى أشهدهم على انفرادِهِ بألوهيتِهِ وتوحيدِهِ سبحانه فقال في كتابه الكريم : ((شهد الله أنه لا إله هو والملائكة وأولوا العلم ِقائماً بالقسط ِ لا إله إلا هو العزيز الحكيم )).

أيها الإخوة : قال تعالى : (( إنما يخشى الله من عباده العلماء))، نعم إن أهل العلم هم أشد الناس خشية لله تعالى ، فأنت للشيء أخوف كلما كنت له أعرف ،

قال العلامة ابن القيم في " مدارج السالكين " : [و الخشية أخص من الخوف ، فإن الخشية للعلماء بالله ، قال الله تعالى : {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ، فهي خوف مقرون بمعرفة]. انتهى .

ولذا كان الطريق الموصل إلى الله عز و جل هو العلم الشرعي .

إن الجنة - عباد الله - لها ثمانية أبواب ،كل باب خصص لفئة من الناس لا يدخل منه غيرهم :هذا باب الريان للصائمين ،وهذا باب للمتصدقين ، وهذا باب الصلاة ، وهكذا ،إلا العلم الشرعي فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فيه :[ من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة] ، فنكر هذا الطريق وأبهمه قال "طريقا" إلى الجنة ، "طريقا" هذا عام، لأنه نكرة في سياق الشرط: (( من سلك )) فهو عام ، فهو موصل إلى الجنة من كل أبوابها .

فاحرصوا يرحمكم الله على تعلم العلم الشرعي ، والتفقه في الدين ، اللهم فقهنا في ديننا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا ،اللهم إنا نسألك علماً نافعا ورزقاً طيبا وعملاً متقبلا ، ونعوذ بك اللهم من علم لا ينفع وقلبٍ لا يخشع ودعوة لا تسمع .

وصل اللهم وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

أكمل قراءة الموضوع ...

أنت يا أميرة العفاف !!


جاءت تمشي في خفة و احتشام لا تكاد تسمع لها صوتا من وقار وهيبة مشيتها ، تثير في نفسك حالة من الإعجاب مشوبة بالاحترام ، إنها الفتاة التي زانت نفسها بحجابها الشرعي مما أضاف على المشهد بريق و نور لا تخطئه عين المؤمن .


إنها على الدرب تلتمس طريق العفيفات الذي تنكبته للآسف كثير من بنات الإسلام في زمننا هذا بدعوى التقدم و المدنية ... بزعم مواكبة روح العصر و ركوب الموجة الغربية لكنها فضلت أن تقبض على الجمر و أن تسير على الأشواك و أن تبلغ قمة المجد و الشرف فتتربع على عرش العفاف .

في معركة أدارها اللئام و تولى كبرها الذئاب هاج القوم و ماجوا و قالوا هذا ثوب الغباء هذا يخدش الحياء اخلعي عنك النقاب إنه حجب الذكاء ، حركوا أقلامهم هيجوا سفهائهم اقاموا الدنيا و اقعدوها و جعلوا الأمر معركة لابد .. لابد أن نزيل هذا الغطاء هكذا قالوا هكذا زعموا و لو كانوا منصفين لحاربوا السافرات لقاتلوا الملعونات فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم عن المتبرجات ( العنوهن إنهن ملعونات) و قال عنهن ( لا يدخلن الجنة و لا يجدن ريحها ) . يحاربون ربات العفاف ذوات الخدور لأنهن تمسكن بالستر الجميل بينما ترتع المتبرجات في كل مكان ينشرن ثقافة العهر و الفجور دون رادع ...


جاءت تمشي واثقة صابرة لا تلتفت لا تخاف و لما تخاف ؟! و قد ملك كيانها الشعور بمعية الله لعباده الصالحين تأيدا و نصرة و علما و إحاطة ... تربت على مائدة القرآن و تتلمذت في مدرسة القيام و نهلت من معين العلماء فزال عنها الروع و أقبلت و لم تدبر و أقدمت فلم تحجم ... و قد جاء موعد المواجهة دخلت لجنة الامتحان ( و الدنيا كلها اختبار و إبتلاء ، سجن المؤمن و جنة الكافر ) ترقبها عيون ما بين معجب و مشفق و مجرم لا يرقب في بنات الإسلام إلا ولا ذمة .. اقترب مشرف اللجان و قد علا وجهه غبرة و كست ملامحه نعرة جاهلية " اخلعي هذا النقاب ... لا مكان له هنا أو غادري القاعة لا نريد رجعية "

من خلف نقابها ابتسمت و بصوت هادىء رخيم قالت " لن اخلعه ما حييت لن اتراجع مهما حدث سوف أمضي واثقة لن تخور عزيمتي لن أبيع كرامتي "

قال لها " لا تضيعي الوقت .. سوف تبوئي بالخسران "
قاطعته في قوة " الخسران في اتباع خطوات الشيطان و الخيبة على دعاة الحقوق سمحوا للسافرات المتبرجات المائلات المميلات الذي اجمع أهل العلم على حرمة فعلهن و منعوا الفيفات الكريمات قال تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ )) "


قال في تهكم " إذا كان لا يعجبك الوضع فابحثي عن مكان أخر عن مدينة فاضلة ثم إن هذا أمر بين العبد و ربه ... " كلمة حق يراد بها باطل و كم من كلمة خبيثة لاكتها ألسنة الطغاة ليسفكوا دم الأباة ...

قررت أن تغادر و حانت منها التفاتة نحو قاعة الامتحان فوجدت للآسف أن الكثيرات قد رسبن و اخترن تجرع كأس الهزيمة فقد رفعن النقاب بسهولة و يسر من أجل امتحان دنيوي و لو ثبتن لجمعن بين خيري الدنيا و الأخرة ( إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) فهذا وعد الله للقابضين على الجمر في زمن الغربة

لكنها لم تستسلم فعاودت الكرة في الامتحان التالي فطردت من على أبواب اللجان فابتسمت و هي تغادر إنني على درب الصالحين إنني على درب الأبرار المبتلين و هذا وعد الصادق الآمين صلوات ربي عليه و أتم التسليم فإنه كان فيمن كان قبلكم يؤتى بالرجل فتحفر له الحفرة ويوضع فيها، ويؤتى بالمنشار على مفرق رأسه فينشر فلقتين فلا يرده ذلك عن دينه، لكنكم قوم تستعجلون، لكنكم قوم تستعجلون ....


أنت ... أنت يا أميرة العفاف لا تتراجعي اذهبي لا تدبري اثبتي ... احفري على جدران التاريخ ملحمة إسلامية جذروها ربانية حروفها نورانية ... اقبلت تارة أخرى متوضئة عفيفة كريمة ، اذهلت كل من في القاعة مازلت مصممة على الحضور بالنقاب لا تقبل أدنى تنازل حاولوا معها بشتى الطرق ارفعيه بدليه بالكمامة أي شيء ... أي شيء ...


لكنها أبت التخلي عن حجاب أمهات المؤمين فلم يجد القوم أمام هذا الثبات و الصبر إلا أن يسمحوا لها بالحضور مرتدية للنقاب مما شجع باقي العفيفات في اللجنة على التمسك بالحجاب ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
أكمل قراءة الموضوع ...

انثري بذور الخير .. وستنبت يوماً ما


أخواتي في الله قرأت هذه الكلمات البسيطة سبحان الله فكان لها تأثير قوي علي و على عزيمتي رغم بساطة القصة الا انها تبعث روح الامل في  كل داعية خذلتها الظروف و احبطها الزمن و اضعف عزيمتها و همتها لممارسة اسمى وظيفة وهي وظيفة الدعوة الى الله ...وبدون إطالة اليكن هاته الكلمات :

قالت الراوية : قبل أيام..

كنت أتحدث مع إنسانة رائعة، تسعى بكل ما أوتيت لإصلاح الفتيات وجذبهن ودعوتهن، هي معلمة شابة يافعة.. لكنها ليست كباقي المعلمات، هي إنسانة لها أهداف عالية جداً وكبيرة جداً، تطاول عنان السماء..



كنت أتناقش معها في حديث عفوي وبسيط، عن حال الفتيات، وكيفية التواصل معهن وإصلاحهن ودعوتهن..

فقالت: المشكلة يا صديقتي أننا نحاول ونحرث ونبذر ونغرس.

لكن.. ما إن تبدأ أزهارنا الصغيرة بالنمو، حتى تؤثر عليها كل الظروف من حول الفتاة.

الظروف القاسية التي لا تسمح لوردة بالعيش في صحراء قاحلة.

فتذبل أزهارنا وتموت براعمنا الجميلة حين تخرج من أحضان المدرسة أو الجامعة أو الدار.

وتفقد المعلمة. الداعية- القدوة والصحبة الصالحة.

تبدأ العوامل الأخرى بالتأثير عليها، فتتغير الفتاة تدريجياً للأسف، وتعود كما كانت.

قالت وفي صوتها نبرة حزن:

- أحياناً يا صديقتي أحس أن جهودي بلا فائدة..!

ويوسوس لي الشيطان أن كل ما نفعله ونجتهد لأجله، هو عبث، في خضم هذه الفتن الهوجاء في زماننا، فأجد حماسي يقل، وعزيمتي تضعف..


ابتسمت لها وقلت:

- كلا يا صديقتي، لا تجعلي اليأس يتسرب إلى نفسك، فبذرة الخير، مهما طال عليها الزمن ومهما ذبلت نبتتها لا تموت بإذن الله، وستنبت يوماً من جديد، فلا تحزني..

إن من المهم أن نغرس في نفس الفتاة أنها هي المسؤولة عن نفسها، أن عليها أن تسير في طريق الحق بنفسها ولا تنتظر غيرها ليحثها عليه، لا صديقات ولا قريبات ولا حتى أم..

أن نغرس في نفسها أنها قوية وتستطيع أن تشق طريقها وسط كل ذلك وحدها إذا توكلت على الله وعلمت أنها في ابتلاء عظيم، وأنها في تحدي مع أعداء هذا الدين.

ثم قلت لها: سأسرد لك ما قد يقوي من عزيمتك:


قبل سنوات، كنت أُدَرَّس في مدرسة، وكان لدي عدد من الطالبات اللاتي أشغلتهن الحياة وملاهيها عن طاعة الله لم يكن سيئات جداً، لكن كن بعيدات عن الله منشغلات عنه.

كنت أحاول وأنصح، وأتكلم، وأجتهد كي أؤثر فيهن، وتأثر البعض، بينما البعض الآخر لم يتأثر كثيراً..

بعد سنوات من تركي لتلك المدرسة، ومع انشغالي بمشاغل الحياة، فوجئت ذات يوم باتصال من إحداهن..

كانت غير مصدقة أنها حصلت على طريقة للاتصال بي، فقد تعبت المسكينة شهوراً عديدة لتصل إلي.

جاءني صوتها الفرح عالياً: (أستاااااذة، والله تعبت وأنا أسأل. رجعت لصديقاتي القديمات، وبحثت عن أرقامهن. واتصلت على إدارة المدرسة، تعبت كثيراً حتى عثرت عليك، لا أصدق أني أكلمك الآن!!!)

كنت في شوق لطالبتي التي أذكرها صغيرة مشاغبة عابثة، لم تكن تهتم بكلامي ولا بنصحي كثيراً، تهرب من الحصص، ويستهويها الضحك و(السوالف) أثناء الدرس..!

عرفت منها أنها الآن في آخر سنة في الجامعة، ما أسرع ما تمضي السنون..

قالت لي بالحرف الواحد: أستاذة هل تذكرين كلامك ونصحك لنا؟ هل تذكرين كيف كنت تذكرينا بالحساب واليوم الآخر؟ هل تذكرين كيف كنا ننشغل ونضحك؟ هل تصدقين أن كلامك كان يدخل في قلبي؟ لكن شيطان الهوى كان أقوى مني، وكذلك الصديقات..

كنت أتظاهر أني لا أهتم، ولم يكن عمري يعينني على أن أتخذ قراراً قوياً وأثبت عليه.. لكن الآن بعدما كبرت ونضجت لازلت حتى هذه اللحظة أسترجع كلامك وعباراتك، كل شيء بدأ يعود تدريجياً، لا زلت أذكر نصائحك وأتأثر بها، إني أدعو الله لك، فقد تأثرت بك، وكذلك الكثير من صديقاتي..

صعقت من كلامها، لم أصدق لأول وهلة، ولم أدر ما أقول..

لم أكن أتخيل أن بذور الخير يمكن أن تبقى كل هذه المدة قبل أن تنبت من جديد، سبحان الله! هل يمكن أن يحصل هذا؟

بقدر ما فاجأتني طالبتي الحبيبة بقدر ما أسعدتني وجعلتني أتقد حماساً وعزيمة لأستمر في هذا الطريق رغم كل ما قد نراه من إعراض أو غفلة كبيرة من الفتيات..


استغربت محدثتي من هذه الحادثة.. فقلت لها:

هل رأيت؟ لا تجعلي الشيطان يوسوس لك ويحبطك ويثبط من عزيمتك..

انثري بذور الخير أينما ذهبت، ولا تقلقي.. فأنت لا تدرين في أي سنة ستنبت..



**

المرجع: مجلة حياة العدد (84) ربيع الثاني 1428هـ


تحرير: حورية الدعوة


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »


أكمل قراءة الموضوع ...

بعض مهارات فن الخطاب الدعوي


الداعية المحاضرة التي تمتلك مهارات سيكون لها تأثير

أبلغ وأقوى في توصيل مادتها الدعوية والتأثير

على المستمعات والمتلقيات .


وللخطابة أسس ثلاثة هي :-


* لغة الجسد.


* نبرة الصوت.


* نوعية الكلمات.

ولعل من الملاحظ بأن بعض الداعيات قد تجعل جل تركيزها على الكلمات و تهمل لغة الجسد أو النبرة المنسجمة  مع طبيعة الكلمة إلا أن المفاجأة هو ما أثبته فريق من ا لباحثين البريطانيين عام 1970م ,وهو بأن لغة الجسد هي الأقوى بالتأثير حيث يبلغ تأثيرها 55% ويأتي بعدها بنسبة 38% للنبرة, ثم تأتي الكلمات في آخر المطاف لتبلغ مالا يتجاوز- عادة - في نسبتها التأثيرية 7% فقط! وهذه المعلومة تجعلني أبدأ بكيف تلم الداعية بموضوع حركات الجسد , والتعابير الجسدية المصاحبة لخطابها فعندما تقابل الداعية مدعواتها

فأول ما يلفت الانتباه هو

شكل الداعية - الهندام, تعابير الوجه,حركات اليد.. وغير ذلك-؛ ولذا أول المنطلق هو تفقد الإطار الخارجي -إن صح التعبير-

للداعية فاهتمامها بنظافتها وشكلها الخارجي وأناقتها المتزنة له أهميته ,هنا ستفتح أول أبواب القبول كما أن ابتداءها بابتسامة

يعطي إيحاء للحاضرات بالراحة والاسترخاء النفسي ,ويكون العقل متقبلا بشكل أكبر حيث يتخلص من بعض الضغوط , وتكون المدعوة مهيأة لاستقبال ما ستقوله الداعية, وقد نلاحظ بعض الأحيان

بأنه قد يتركز نظر الداعية - خصوصا في حال حضور أعداد كبيرة- على من هم بالصفوف الأمامية أو مع من تتفاعل معها أو تركز نظرها على جهة أو على صف دون آخر,وهذا الأمر يفقد تواصل البقية معها ,فالتواصل البصري مع جميع الحاضرات يشد المدعوة,

وفي حال لا تستطيع الداعية التواصل بصرياً مع كل واحدة من الحضورلزخم العدد فهناك طريقة المسح البصري أي تجول بنظرها

متطلعة إلى كل صف بشكل كاف ,ولكل الجهات وقد يكون الأمرفي البداية صعب,ولا بأس فمع الممارسة يسهل الأمر فتجد بأنه أصبح جزءمن أدائها ولا تحتاج مع الوقت لتذكير نفسها به ,وقد يكون من عادة البعض هو عدم النظر في عين المتحدثة أو المتحدث إليها خصوصا في حالة الحديث الفردي مما يشعر المتلقية بأنها ليست موضع اهتمام فينصرف عقلها ويقل قبولها لحديث الداعية, ومن الأفضل النظرإلي عيني المدعوة بنظرات تودد وليست نظرة حادة مع حاجبين مقطبين, ولقد ورد بأن نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم-

(كان لا يثبت نظره في وجه أحد، خافض الطرف‏,‏ نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جُلُّ نظره الملاحظة) .

* والنظرة المؤثرة:

هي التي تنطق بتمني الخير للمدعوة مع انبساط لتعابير الوجه كالحاجبين وعضلات الوجهكما أنه من الجميل لو زينت بابتسامة ومصافحة حميمة ,هنا التأثير سيرتفع وسيكون للكلمات- مهما قلت- وقع أكبر وتأثير أشد, ولفت الخطاب القرآني لأثر تعابير الوجه والحركة في قوله تعالى

:{عَبَسَ وَتَوَلَّى}(1) سورة عبس, وقوله تعالى :{ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} (22) سورة المدثر,

وقد تلاحظ الداعية أمر وهو ابتعاد أو اقتراب البعض منها وهذا له تفسيره العلمي وعائد للنظام التمثيلي لديها وكي لا يبتعد الحديث,

فتقبلي قربها أو بعدها بدون محاولة منكِ للاقتراب في حال كانت مبتعدة أو العكس؛ فالبعض قد يفقد تركيزه كلياً في حال اقترابه من محدثه ,والبعض الآخر لا يرتاح إلا باقترابه من محدثه, ومعرفة هذا الأمر من صالح الداعيةوالخطابة لا تقتصر على ذلك ,فحركة اليدين بالاشارت المناسبة للكلمات والجمل وتعابير الوجه المتوافقة مع الحديث كانبساط أو تعجب ,ومما روي بأن الرسول صلى الله عليه وسلم
كان إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جل ضحكه التبسم،  بالإضافة لحركة الجسد من توجه للجذع إلى الأمام أو الخلف وغيرها لها تأثير خفي لا يُستهان به!

ولعل من السنة ما يؤكد هذا المعنى

فلقد روي في الحديث ( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة)

ثم أشار بالسبابة و الوسطى عليه الصلاة والسلام ولعل نظرة حانية من إحداهن مع كلمة جميله تجعلنا ندرك هذه الحقيقة!.

* وأما حديثنا عن النبرة:

فنستطيع أن ندرك مدى تأثيرها في مكالمة هاتفية نستطيع بأن نعرف حال المتصل إن كان سعيداً أو مضطربا أو لديه مشكلة مؤلمة ,

وغيرها من المشاعر التي تنبيء بالحال فاختيار النبرة المصاحبة للكلمة يعطي دلالة على صحة معناها.

دعيني أعطيك مثال:-

عندما تحدثكِ إحداهن بأنها مشتاقة إليكِ ,وهي ترفع نبرة صوتها بحدة وتنطق كلماتها بسرعة وتلفظها كالتوبيخ بالله كيف سيكون شعورك؟وما مدي تقبلك لما تعنيه الكلمة من مشاعر نبيلة؟صدقيني ستشعرين بالانزعاج ويخالجك التعجب!

اختيار النبرة الأفضل

أن يكون موافق مع نوع الحديث, فإن كان الحديث يحمل سمة الود فهي النبرة الحانية اللطيفة,وإن كان بالمعنى تعجب فالنبرة المتأنية المشددة على بعض الكلمات المنتقاة لتتوقفين عندها ,وكأنك تضغطين عليها بفمك وكأنها بالكاد تخرج ومما يضجر السامع

هو الصوت العالي - نعم -قد يسمح برفعه في كلمة ,وكلمتين وأما أن يكون غالب حال المتحدثة بهذه الصورة! فهذا مخالف للمنهج الرباني ومنفر أشد ما يكون للمستمعة,

وقال الله تعالى :

{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}(19) سورة لقمان,

ولعل من العجيب في الوصف القرآني عندما حث النساء على عدم الخضوع بالقول بترقيق الصوت لما فيه تأثير على القلوب,

قال تعالى :{يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا}

(32) سورة الأحزاب.

وفي هذا إرشاد على أن للنبرة الوادعة المتهادية تأثيرعلى المتلقية فالحديث مع الرجال لابد أن يضبط بضوابطه, لكن الأمر يختلف مع النساء ,ولذلك لابد هنا من ترقيق القول لهن كما أن علو النبرة أو انخفاضها-خصوصا في الحديث الفردي- يكون بحسب المتحدثة معها فإن كانت من النوع الذي يرفع نبرة الصوت قليلا فلترفع الداعية كي يحدث انسجام بينهن, وهذا سهل وتستطيعه الداعية في حال الحديث الفردي.

ولعلنا نذكر ما ورد في السيرة النبوية

بأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنه علم ألسنة العرب، يخاطب كل قبيلة بلسانها، ويحاورها بلغتها، اجتمعت له قوة عارضة البادية وجزالتها، ونصاعة ألفاظ الحاضرة ورونق كلامها، إلى التأييد الإلهي الذي مدده الوحي‏).إذن فلقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم
يحادث كل قوم بما يناسبهم برفع الصوت للمنادى عليه ومده للكلمات بنفس صورة المتحدث ,وهنا ندرك بأن هذا الأمر لم يكن هكذا بدون غاية تذكر,بل أنه له أصل نفسي بتأثير ذلك على المتلقي إيجابا ولعلي أُجّمل ذلك باختصار بأن تقوم الداعية بقدر طاقتها

بالتجاوب مع طريقة حديث المتلقية من حيث مستوى النبرة,مع ملاحظة التناغم بين الكلمة, وبين طريقة نطقها بالتوسط في نطقها

أو الإطالة لإعطاء تصور ذهني فلو قلت لكِ,وقضيت في هذا البحث مدة طويــــلة ثم مددتها ستشعرين بها أكثر مما لو قلت  ( طويلة) بسرعة أليس كذلك! .

* والآن نأتي للكلمات:

فعندما أوجه الكلمات يجب أن تعمل على مستويات

وماذا يعني هذا؟

هناك من الناس من هو ذو مرجعية داخلية,

ومنهم من هو ذو مرجعية خارجية

وللتوضيح أكثر فصاحبة المرجعية الداخلية لا تبالي بكلام الناس أو ما يقوله الآخرون عنها,فهي لا تؤمن إلا بما يكمن داخلها من قناعة ,

ولذلك فالطريق إليها لابد أن تحدد مساراته.ولعلي أذكر مثال توضيحي:-

يذكر بأنه في أحد الدورات التدريبية كانت إحدى المتدربات تستهين بالحجاب الشرعي,حاولت الأخوات نصحها إلا أن السبل أعيتهم لإقناعها فطلبوا من المدرب أن يتدخل؛ لعله يستطيع الإقناع فعندما تحدث معها أدرك بأن لديها مرجعية داخلية, فوجه الحديث نحو مساره الصحيح فقال لها بما مضمونه : إن فتاة بمثل عقلك ونضجك هل يحسن بها أن تفعل ذلك, وأن تتصرف بطريقة لا تناسبها ولا تليق بمن هي مثلها؟ وغيره من الكلمات التي لا تصب في خانة  الناس يقولون أو افعلي كذا أو هذا هو الصحيح

فهي لا تستمع إلا لكلماتها الداخلية فقط! فكان الحديث المقنع هو ما شعرت بأنه يمس ذاتها الداخلية وينتهي الأمر بعزم الفتاة على الحجاب بقناعة تامة والقيام به فعليا.

ومن الجيد أن نشير إلى ما قد يرد من كلمات لأصحاب هذه المرجعية مثل قول لم أقتنع,لا يهمني أحد,والأهم قناعاتي وغير ذلك

وكأنها تقول ما أريكم إلا ما أرى ككلام فرعون في قوله تعالى

:{يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}(29) سورة غافر ,ولعلنا نستعرض قوله تعالى لموسى عليه السلام عندما طلب منه أن يخاطب فرعون:

{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}(44) سورة طـه ,وهنا نجد بأنه لابد من اللين مع هذه النوعية,كونها معتزة بذاتها

وبعقلها ,ونستطيع بأن نرمز إليها- أي أصحاب المرجعية الداخلية - بــ أنتِ .

أما أصحاب المرجعية الخارجية فالتأثير عليهم يأتي من الخارج, ورغم بساطة التأثير عليهم إلا أن هذا الأمر يحمل اتجاه النجدين فهي

ستتأثر سلبا أو إيجابا لأنه يكفى مثلا بأن تقولي لها إن هذا اللون لا يناسبها , أو القسم الدراسي غير جيد , أو وصفها بالمتحجرة كونها تتحفظ على بعض الأمور مثلا! لتتغير بعض قناعاتها ولو قلتِ لو فعلتِ كذا؛ فأن الناس سيعجبون بك لكان لها تأثيراً قوي لا يتصور! إنها باختصار تقتنع بما يقوله الآخرون,وليس بما تعتقد هي ! ,ولو تأملنا بعض سور القرآن؛ لوجدنا بأن بعض من كذب الرسل

هو متبع لقومه,فهو لا يرى إلا ما يراه الآخرون- خصوصا إن كان لهم موقع قوة -

قال تعالى:{وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا}(67) سورة الأحزاب,

ونستطيع أن نرمز لأصحاب المرجعية الخارجية بـــ هــم.

 ومجْمل القول بأنه من الرائع لو حملتِ دفتي حديث الداعية التنقل بين الوترين وتر المرجعية الخارجية,والداخلية ليمس الحديث جمع من الحاضرات,فيكون التأثير واسع النطاق.

واختم :

بأن التوقف من فتره لأخرى لاستجلاب النفس العميق,

لا يستغنى عنه في أي حديث دعوي ,سواء أكان فردي أو جماعي.

هذا والله ولي التوفيق

أكمل قراءة الموضوع ...


المصدر: http://raykcool.blogspot.com/2010/04/alert-script.html#ixzz1hDmlGpQd